يعد يوم الاثنين أول يوم عمل بعد عطلة عيد الربيع الصيني لعام 2019، والتي أصدرت الأجهزة المعنية الصينية بيانات اقتصادية متعلقة بها. على سبيل المثال، خلال الأسبوع الماضي، ازدادت المبيعات المجمعة لشركات التجزئة والمطاعم في الصين بنسبة 8.5% على أساس سنوي لتصل إلى 1.01 تريليون يوان (حوالي 150 مليار دولار أمريكي)، وأجريت 415 مليون رحلة في جميع أنحاء البلاد خلال العطلة، بزيادة 7.6% مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي، وبلغت عائدات السياحة الداخلية بالصين 513.9 مليار يوان (76.21 مليار دولار أمريكي)، وارتفعت الصفقات عبر الإنترنت بنسبة 71.4%.

في ظل تصاعد نزعة الحمائية والتنمية غير المستقرة في العالم، شهدت السوق الاستهلاكية الصينية خلال عيد الربيع ازدهارا مدهشا، بما يعكس إمكانيات كبيرة للسوق الصينية ومرونة قوية للاقتصاد الصيني وعقلية الصينيين.
يبلغ عدد السكان في الصين حاليا حوالي 1.4 مليار نسمة، وتجاوز عدد مجموعة متوسطي الدخل في الصين 400 مليون نسمة، الأمر الذي يخلق سوقا استهلاكية كبيرة للعالم. وبحسب الإحصاءات، فإن معدل المساهمة للإنفاق الاستهلاكي النهائي إلى نمو إجمالي الناتج المحلي وصل إلى 76.2%، وانخفض معامل إنجل، الذي يقيس درجة الإنفاق على الغداء كحصة من إجمالي إنفاق الأسرة، بنسبة 0.9 نقطة مئوية بالمقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي، وهذا يشير إلى تصاعد مستوى الاستهلاك الصيني، والذي لا يسعى وراء السلع والخدمات عالية الجودة فحسب، بل أيضا يتطلع إلى الحصول على مستوى أعلى من الرضا النفسي.

لذلك، أصبحت البضائع المستوردة والمنتجات الذكية فائقة التقنية بضائع رائجة في رأس السنة الجديدة التقليدية، وأصبح "قضاء عيد الربيع في المتاحف" و "قضاء عيد الربيع عبر السياحة" اتجاها جديدا. وفي بعض المدن الصغيرة والأرياف والبلدات، بدأ السكان المحليون يسعون إلى المنتجات عالية الجودة والاستهلاك في مجال الحياة الثقافية، ما يوسع السوق الاستهلاكية الصينية باستمرار، ويوفر المزيد من الفرص للشركات العالمية. قال جان بول أجون، الرئيس التنفيذي لشركة "لوريال" الفرنسية إنه بفضل الطلب القوي للسوق الصينية، سجلت مبيعات الشركة لعام 2018 في سوق آسيا والمحيط الهادئ رقما قياسيا وصل إلى 7.4 مليار يورو، مضيفا أنه سيتم الحفاظ على هذا الزخم في عام 2019، وهو لا يشعر بالقلق على تأثير تباطؤ نمو الاقتصاد الصيني.
تمثل آراء أجون المعرفة الموضوعية والعقلانية للحالة الاقتصادية الصينية من جانب معظم الشركات العالمية متعددة الجنسيات. إن وصول معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الصيني إلى نسبة 6.6% على أساس سنوي في العام الماضي، وهو الأبطأ في السنوات الأخيرة، وقد استخدمه العديد من المحللين الأجانب لإثبات أن النمو الاقتصادي الصيني المنخفض قد جر النمو الاقتصادي العالمي إلى الوراء، إلا أنهم تجنبوا هذه الحقيقة عمدا: من حيث معدل النمو، لا يزال معدل النمو 6.6% في طليعة الاقتصادات الرئيسية في العالم. من حيث معدل المساهمة، تجاوز إجمالي الناتج الاقتصادي الصيني 90 تريليون يوان للمرة الأولى في العام الماضي، ما قدم مساهمة بأكثر من 30% للنمو الاقتصادي العالمي. بالنسبة للصين، فإن معدل النمو البالغ 6.6% لا يزال في نطاق معقول من الوضع الاقتصادي الكلي للبلاد، ويتماشى مع مطالب الصين بالتحول الاقتصادي من التنمية عالية السرعة إلى التنمية عالية الجودة.

ارتفع مؤشر التتبع للنشاط الاقتصادي الصيني الصادر عن ميريل لينش في يناير الماضي بنسبة 4.1% بالمقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي، مما يشير إلى أن الأنشطة الاقتصادية الصينية لا تزال نشطة. كما أثبتت بيانات استهلاك عطلة رأس السنة الصينية الجديدة مرة أخرى أن التنمية الاقتصادية الصحية والمستقرة في الصين لم تتغير، وأن عوامل الإنتاج التي تدعم التنمية عالية الجودة لم تتغير، وأن الزخم الشامل للاستقرار لم يتغير، وستظل الصين محركا قويا للنمو الاقتصادي العالمي.
في هذا الأسبوع، ستعقد جولة جديدة من المشاورات الاقتصادية والتجارية الصينية الأمريكية رفيعة المستوى في بكين. سيتابع الصينيون باهتمام شديد نتائج هذه الجولة من المشاورات والاتجاه المستقبلي، لكن مستواهم النفسي لم يتأثر كثيرا. بما أن السعادة تأتي نتيجة العمل الشاق، فإن المفتاح هو إتقان أعمالهم. بعد سبعة أيام من "السوق الصاعدة"، عاد الصينيون إلى أعمالهم، وواصلوا أعمالهم بأقصى جهودهم من أجل تحقيق الأحلام وجلب المزيد من الفرص للعالم عبر "السوق الصاعدة".