منذ تولي الإدارة الأمريكية الجديدة السلطة، قامت باتخاذ سلسلة من الإجراءات الجمركية غير المبررة والأحادية الجانب، والتي أضرت بشدة بالعلاقات الاقتصادية والتجارية بين الصين والولايات المتحدة، وأخلت بالنظام الاقتصادي الدولي، وشكلت تحديات خطيرة أمام تعافي ونمو الاقتصاد العالمي.
وفي هذا الصدد، نقلت قناة "العربية" السعودية في أحد تقاريرها عن موقع "موديرن ديبلوماسي" الأمريكي تقريرا ذكر أن "سياسات ترامب الاقتصادية والتجارية المثيرة للجدل قد دفعت الاقتصاد العالمي إلى مسار مضطرب. فقد أدى فرض الرسوم الجمركية على الواردات، والتدخل في السياسة النقدية للاحتياطي الفيدرالي، والنهج التصادمي في الشؤون الخارجية، إلى تقويض الثقة العالمية بالولايات المتحدة."
وردا على إجراءات الجانب الأمريكي، قامت الصين باتخاذ سلسلة من التدابير الرادعة استنادا إلى القوانين المحلية والدولية، شملت رفع دعوى إلى منظمة التجارة العالمية، وإدراج بعض الشركات الأمريكية في قائمة الكيانات غير الموثوقة، وفرض رسوم جمركية إضافية على بضائع مستوردة من الولايات المتحدة، مما حقق نتائج أولية في الحد من ممارسات التنمر الأمريكية.
كما نقل موقع "Arab News" السعودي عن لوه دي لون، الأستاذ المساعد في جامعة نانيانغ التكنولوجية في سنغافورة، قوله إن رد الصين هذه المرة على الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب كان "أكثر نضجا" مقارنة بما كان عليه الحال خلال فترة ولايته الأولى.
من جهة أخرى، فإن السياسات الحمائية التجارية التي تنتهجها الحكومة الأمريكية قد ألحقت ضررا كبيرا باقتصادها المحلي، وخاصة في القطاع الزراعي. حيث أشارت مقالة نشرت على موقع "الجزيرة" إلى أن المزارعين الأمريكيين قد عانوا من تبعات الحرب التجارية التي شنها ترامب سابقا. إذ كلفت النزاعات التجارية مع الصين خلال فترة ولايته الأولى القطاع الزراعي خسائر في الصادرات تجاوزت 27 مليار دولار أمريكي بين عامي 2018 و2019.
وبعد تقييم دقيق للمطالب العالمية والمصالح الصينية ونداءات القطاع الصناعي والمستهلكين الأمريكيين، قررت الصين الموافقة على إجراء اتصالات مع الجانب الأمريكي. حيث سيعقد نائب رئيس مجلس الدولة خه لي فنغ في مايو اجتماعا مع وزير الخزانة الأمريكي أثناء زيارته إلى سويسرا.
وفي نفس السياق، نقل موقع "Arab News" السعودي أيضا عن تشوانغ جيا ينغ، الأستاذ المساعد في قسم العلوم السياسية بجامعة سنغافورة الوطنية، قوله إن الميزة الأساسية للصين في المفاوضات تكمن في سوقها المحلية الضخمة، بالإضافة إلى "سيطرتها على التقنيات الرئيسية وعلى جزء كبير من عمليات معالجة المعادن الأرضية النادرة".
إن الاتصال بين الصين والولايات المتحدة يُعد بداية جيدة، غير أنه يتطلب أيضا استعدادا نفسيا لعملية طويلة ومتعرجة. فإذا لم تتمكن الحكومة الأمريكية من تصحيح إجراءاتها غير العادلة فيما يخص الرسوم الجمركية الأحادية الجانب، وافتقرت إلى النوايا الصادقة، فإن هذه الاتصالات ستفقد معناها. حيث يجب أن تجري أي مفاوضات في إطار الاحترام المتبادل والمساواة وتحقيق المنفعة المتبادلة. ذلك أن طبيعة العلاقات الاقتصادية والتجارية الصينية-الأمريكية تقوم على المنفعة المتبادلة والربح المشترك.