شين بينغ
وقفت الولايات المتحدة ضد العالم برمته مرة أخرى. في يوم 20 نوفمبر، انفردت الولايات المتحدة باستخدام حق النقض مرة أخرى ضد مشروع قرار بشأن وقف إطلاق النار في قطاع غزة طرحه الدول العشر غير الدائمة في مجلس الأمن الدولي، مع تصويت باقية أعضاء المجلس الـ14 لصالح القرار.
أشار السجل إلى أنه منذ اندلاع الجولة الجديدة من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في 7 أكتوبر للعام الماضي حتى هذا التصويت، قد صوتت الولايات المتحدة ضد 5 مشروعات قرار بشأن الصراع في قطاع غزة في مجلس الأمن الدولي، بما فيها 4 مشروعات استخدمت حق النقض ضدها بمفردها.
كشفت مصادر مطلعة أن الولايات المتحدة لا توافق على تعبير "وقف غير مشروط لإطلاق النار" في مشروع القرار، وترى أن أي وقف لإطلاق النار في غزة "يجب أن تكون له شروط".
قد أكد مشروع القرار بكل وضوح على ضرورة "الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن"، فما هو العمل الإضافي الذي يتمكن من تلبية "الشروط" الأمريكية المزعومة؟ هل هو تجاهل44000 روح راحلة واستمرار القصف على قطاع غزة الذي قد تحول إلى شريط الأنقاض المتراكمة؟ أو مواصلة خنق "حل الدولتين" ووأد حلم الشعب الفلسطيني لإقامة الدولة المستقلة، مما يؤدي إلى مزيد من التشرد والنزوح والأسر المشتتة بفقدان أفرادها، ويوقع المنطقة في الحروب والاضطرابات بلا نهاية؟
في وجه ما فعلته الولايات المتحدة من اللجوء إلى المعايير المزدوجة بشكل صريح والمساس بسلطة مجلس الأمن الدولي والقانون الدولي، من المبرر أن يشعر المجتمع الدولي بالغضب. قال نائب المراقب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة ماجد بامية في كلمته إنه "لا يجوز اعتياد المجتمع الدولي على قتل الفلسطينيين. ربما بالنسبة للبعض، لدينا الجنسية الخطأ، والعقيدة الخطأ، ولون البشرة الخطأ، لكننا بشر، ويجب أن نعامل على هذا النحو". وقال السفير عمار بن جامع مندوب الجزائر الدائم لدى الأمم المتحدة، "لقد قمنا بأكبر التنازلات في المفاوضات القائمة على النصوص، لكن عضو معين للمجلس يعارض اتخاذ أي إجراء. إن غزة التي كانت تعرف ذات يوم بأنها 'مدينة الأطفال' قد أصبحت الآن 'مدينة للأيتام' ". وتساءل فو تسونغ مندوب الصين الدائم لدى الأمم المتحدة، "هل حياة الفلسطينيين لا تعني شيئا؟ هل وفاة 44000 من الأرواح لا تكسب حتى ولو قليل من التعاطف للولايات المتحدة؟ كم عدد الأشخاص الذين يجب أن يموتوا حتى يستيقظوا من التظاهر بالنوم؟"
في وجه هذه المأساة الإنسانية، كل قرار اتخذه أعضاء المجتمع الدولي يُسجل في التاريخ، ويحكم عليه التاريخ.
ماذا سنفعل في الوقت الحالي الذي تستمر فيه نيران الحرب في غزة بلا بادرة للانتهاء، وتنتشر تداعياتها بشكل متواصل، ويتزايد عدد القتلى والجرحى بدون توقف؟ ما هو النوع من الأصوات الذي نحتاج إلى سماعه من الدول الكبرى؟ وما هو الدور لهذه الدول التي نتطلع إليه؟ أ مواصلة عرقلة تحركات مجلس الأمن الدولي بكل السبل المتاحة، مع تسليم الأسلحة إلى ساحة القتال؟ أم بذل جهود مخلصة وعملية للدفع بتهدئة الوضع؟ رأينا أن الصين كدولة كبيرة ومسؤولة، تدعم بكل ثبات القضية العادلة للشعب الفلسطيني منذ زمن طويل، وتسعى بنشاط وراء الدفع بتهدئة الوضع في الشرق الأوسط. وهي نجحت في الوساطة لتحقيق المصالحة بين السعودية وإيران، ثم نجحت في دفع الفصائل الفلسطينية لتوقيع ((إعلان بكين)) لإنهاء الانقسام وتعزيز الوحدة الفلسطينية، مما ساهم بالدور الصيني والحكمة الصينية لتحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط.
ما نحتاج إليه لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ليس الأسلحة أو العقوبات الأحادية الجانب، بل الإرادة العادلة والجهود المخلصة. لعل الدولة الكبيرة تدرك هذا المنطق في يوم مبكر، بما يخلص الشعب في غزة من المعاناة في يوم مبكر، ويعيد السلام إلى الشرق الأوسط في يوم مبكر.
الكاتب هو محلل في الشؤون الدولية، ويكتب دائما في Global Times,China Dailyوإلخ . يمكن الوصول إليه في (.xinping604@gmail.com)
(ملاحظة المحرر: يعكس هذا المقال وجهة نظر الكاتب، ولا يعكس بالضرورة رأي قناة CGTN العربية.)