يتجاوز عدد الحالات المؤكدة في جميع أنحاء العالم بفيروس كورونا الجديد 2.8 مليون شخص، بينما تدافع البلدان للحصول على الإمدادات الطبية فإن أجهزة التنفس الصناعي تعتبر حاجة ملحة، وأحيانا تتنافس السلطات القضائية داخل البلاد مع بعضها البعض على ذلك.
وفقا لشركة "جلوبال ديتا"، وهي شركة لتحليل البيانات المتخصصة في المعاملات الطبية والمعلومات السريرية، هناك حاجة إلى حوالي 880 ألف جهاز تنفس صناعي على الصعيد العالمي من أجل مكافحة جائحة كورونا. وقال تشن كه لونغ، نائب مدير إدارة صناعة المعدات بوزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات، في مؤتمر صحفي عقده مطلع هذا الشهر، إنه تلبية لمثل هذه الطلبات العالية، تم تصدير حوالي 18 ألف جهاز تنفس صناعي من الصين إلى الدول الأخرى في العالم.
أهمية أجهزة التنفس الصناعي
ما هي أهمية أجهزة التنفس الصناعي في علاج المرضى المصابين بـ "كوفيد-19"؟ قال الطبيب لي تشو لي، كبير الأطباء السابقين في مستشفى 309 لجيش التحرير الشعبي الصيني، إنها مهمة "لأننا بحاجة إلى الحفاظ على درجة إشباع الدم بالأوكسجين لدى المرضى".
قال الطبيب لي: "إذا قمنا بتصنيف المرضى المصابين بـ "كوفيد-19" إلى عشر درجات، فإن المرضى من الدرجة صفر هم الذين ليس لديهم أي أعراض للإصابة". "في الوقت الحاضر، نحن نتحدث عن مرضى بدون أعراض، الذين يمكن تصنيفهم أيضا على أنهم الدرجة صفر، ولكن اختباراتهم للحمض النووي للفيروس يعد إيجابيا".
موظفون يقومون بتجميع أجهزة التنفس الصناعي في أحد المصانع الواقع في مقاطعة خبي بشمالي الصين.
بالنسبة إلى المرضى الذين لديهم درجة أقل، فهم يعانون من أعراض خفيفة. قد يعانون من أعراض تشبه أعراض الأنفلونزا، وما يحتاجون إليه هو الحصول على الراحة الكافية، والإقامة بالعزلة الذاتية والقبول للعلاج عند الحاجة.
عندما تصل شدة المرض إلى سبع أو ثماني درجات، وهذا يعني يصاب المرضى بأمراض خطيرة، في هذا الوقت يكون بحاجة إلى استخدام أجهزة التنفس الصناعي، ويتم استخدام الآلات لضخ الأوكسجين إلى رئتي المرضى الذين يعانون من صعوبات في التنفس.
وقال الطبيب لي: "تستخدم أجهزة التنفس الصناعي للمرضى المصابين بأمراض خطيرة وحرجة، ولكن ليس كل مريض شديد يحتاج إلى جهاز التنفس الصناعي".
وبعبارة أخرى، لن يواجه كل مريض يعاني من مرض خطير حالة لا يمكن فيها حل مشكلة التنفس إلا عن طريق جهاز التنفس الصناعي، يحتاج بعض المرضى فقط إلى استنشاق الأوكسجين، ويمكن لمولد الأوكسجين ببساطة القيام بهذه المهمة. ولكن بالنسبة لأولئك الذين يحتاجون إلى الدعم الاصطناعي والميكانيكي لإكمال دورة التنفس، تتحول أجهزة التنفس الصناعي إلى منقذ للحياة.
إن الحديث عن أهمية أجهزة التنفس الصناعي هو مثل الحديث عن أهمية الأوكسجين. "نقول إنه عندما تبدأ الأجزاء الأخرى من الجسم تعاني من نقص الأوكسجين، يكون المرض مميتا".
إن مصطلح "درجة إشباع الدم بالأوكسجين" الذي قدمه الطبيب لي في وقت سابق هو فقط للتأكيد على مدى أهمية الأوكسجين لجسم الإنسان. "إذا كان دماغنا لا يحصل على الأوكسجين لمدة أربع دقائق، فإن الضرر حاصل لا محالة".
التحدي الحقيقي
في العالم الحقيقي، لا يعني وجود جهاز التنفس الصناعي أنه بالإمكان استخدامه بشكل صحيح. قال الطبيب لي: "ليس كل طبيب يمكنه تشغيل جهاز التنفس الصناعي، يتمتع جهاز التنفس الصناعي بالعديد من الإعدادات والمؤشرات، مما يجعل الأمور أكثر صعوبة. في العادة، لا تتجاوز نسبة الأطباء الذين يمكنهم تشغيله 10% داخل المستشفى. "
حتى إذا تمكنا من العثور على أطباء يتمتعون بالخبرة المناسبة، فمن المحتمل أن يكون هناك عدد كبير من المرضى الذين يحتاجون إلى رعايتهم.
خلال الأيام العادية، يوصى بتعيين حوالي أربعة إلى خمسة أطباء و عشر ممرضات في وحدة العناية المركزة المكونة من 10 أسرة. ومع ذلك، عندما يصبح عدد المرضى المصابين بـ "كوفيد-19" عاليا في عيادات الحمى وأجنحة العزل ووحدات العناية المركزية، فمن الصعب الحفاظ على التوازن الصحيح بين أعداد الأطباء المرضى.
يتم فحص جهاز التنفس الصناعي في خط الإنتاج بمقاطعة خبي في شمالي الصين مؤخرا.
تثبت إحدى المقالات التي نشرت في المجلة البريطانية للتخدير العلاقة بين نسبة انخفاض الممرضات والأسرة والنسبة المرتفعة للوفيات من المرضى.
إن عدم وجود ما يكفي من أجهزة التنفس الصناعي والأطباء المهرة الذين يعرفون كيفية استخدامها، والفشل في الحفاظ على النسب الطبية الموصى بها في وحدة العناية المركزة، قد يفسر هذا السبب في أن معدل الوفيات الناجمة عن "كوفيد-19" في بعض البلدان أعلى بكثير منه في بلدان ومناطق أخرى.
عندما سئل عن كيفية استجابة ووهان، التي كانت "بؤرة" تفشي فيروس كورونا الجديد، لمثل هذه المشاكل، قال الطبيب لي إنه بفضل المزايا النظامية للصين والمستوى العالي من التنسيق الإداري، هو ما ضمن الاستجابة السريعة والدعم في الوقت المناسب.
بسبب أوامر الحكومة المركزية الصينية بإنقاذ مدينة ووهان المتضررة بـ"كوفيد-19" على نطاق واسع، جاء 330 فريق طبي من جميع أنحاء البلاد إلى ووهان لتقديم الدعم، بما في ذلك 41600 طبيب.
كما تم تطبيق نفس القدرة على التنسيق الإداري لحل النقص في المعدات الطبية وتحسين الأحوال التحضيرية للمستشفى. على سبيل المثال، تم طلب بناء مستشفى بسعة 1000 سرير في غضون 10 أيام وتبعه المستشفى الثاني، وتم تحويل 13 مستشفى مؤقتا قيد الاستخدام.
المزيد من أجهزة التنفس الصناعي مصنوعة في الصين على الطريق
تلبية للطلب المتزايد من الخارج والمشاركة في المعركة العالمية ضد"كوفيد-19"، كثفت الشركات الصينية إنتاج أجهزة التنفس الصناعي. ومع بدء سريان تدبير الوقاية من الوباء ومكافحته وتخفيف إجراءات التباعد الاجتماعي، استأنفت حوالي 90% من المؤسسات الصناعية الرئيسية في الصين إنتاجها، من بينها الشركات المصنعة لأجهزة التنفس الصناعي المحلية.
وفقا لوزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات الصينية، هناك ثمانية مصانع متخصصة في تصنيع أجهزة التنفس الصناعي حاصلة على شهادة CE في الصين، والتي تمثل خُمس الطاقة الإنتاجية العالمية. مع ضمان معايير الجودة، كان هؤلاء المصنعون يعملون على مدار الساعة لتلبية الاحتياجات العاجلة.
على الرغم من العدد الكبير من الاحتياجات الدولية، قال أحد الأفراد المطلعين إنه ليس من السهل زيادة القدرة الانتاجية لأجهزة التنفس الصناعي. إنها حقيقة لامفر منها وذلك بسبب التأخر في بدء الإنتاج، لا تزال التكنولوجيا الأساسية والمكونات الرئيسية لأجهزة التنفس الصناعي في أيدي الشركات الأجنبية.
كمعدات طبية بالغة الدقة، تحتوي أجهزة التنفس الصناعي على آلاف الأجزاء، وتشمل المكونات الأساسية التي يوفرها الموردون الدوليون بشكل رئيسي محركات الملفات الصوتية ومحركات توربوفان والصمام المغناطيسي والرقائق وأجهزة استشعار الضغط.
وقال مسؤول عن إحدى الشركات المصنعة للأجهزة الطبية في شنتشن، إن مواد إنتاجها تعتمد 30% على الأقل على الواردات. يستورد مورد معدات طبية آخر في شنتشن صماماته من سويسرا وأجهزة استشعار الضغط من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.
التحدي يتمثل في الأجزاء القادمة من أوروبا والولايات المتحدة، حيث يكون تفشي فيروس كورونا الجديد فيها أشد، فقد أثر تعطيل سلسلة الخدمات اللوجستية بسبب عمليات الإغلاق بشكل كبير على الشركات الصينية المصنعة لأجهزة التنفس الصناعي التي تعتمد بشكل كبير على سلسلة التوريد.
قال يوان تشن، نائب المدير العام لإحدى الشركات المتخصص لبيع المعدات الطبية في مقاطعة جيانغسو الصينية، "إن عتبة الإنتاج العالية والرقابة الصارمة على جودة أجهزة التنفس الصناعي ستؤدي إلى استمرار الصفوف في انتظار الطلبات".