أجرى مطار بكين داشينغ الدولي المشيد حديثا والواقع على بعد 46 كم جنوب وسط بكين، أول محاكاة تشغيلية شاملة في 19 يوليو الماضي، في اختبار تجريبي في انتظار تشغيله الرسمي في 30 سبتمبر هذا العام.
61 سنة تفصل بين أول مطار مدني بنته الصين وإكمال مطار بكين داشينغ الدولي—الذي يعد طفرة عالمية في مجال الهندسة المعمارية.
جدير بالذكر أنّ التشغيل الرسمي لمطار بكين الدولي الحالي بدأ في الـ2 مارس عام 1958، في ذلك الوقت، لم يكن هناك الكثير من التبادلات بين الصين والعالم، حيث كان مبنى الركاب رقم 0 والممر الوحيد به يدعم معظم صناعات الطيران بالصين.

مطار بكين داشينغ الدولي
ومع تنفيذ الصين لسياسة الإصلاح والانفتاح لاحقا فتحت بابها أمام العالم، حيث لم تمر فترة طويلة حتى شهد عدد الداخلين والخارجين من وإلى البلاد ارتفاعا ملحوظا. وفي عام 1980، قامت الصين بتوسيع مبنى الركاب رقم 0 ليصبح مبنى الركاب رقم 1 الذي مازال قيد الاستخدام إلى يومنا هذا. وبعد مرور 10 سنوات من ذلك، أصبح مبنى الركاب رقم 1 الذي بها أكثر من 10 بوابات لا تكفي لتلبية الطلبات المتزايدة.
لذلك تم بناء مبنى الركاب رقم 2 ورقم 3 في السنوات الموالية، لكن تلك المباني ما زالت لا تكفي.
وفي نهاية عام 2014، وافقت اللّجنة الوطنية للتنمية والإصلاح على مشروع بناء مطار جديد في بكين.
وفي عام 2016، دخلت الأعمال الهندسية للمشروع الرئيسي للمطار حيز التنفيذ كما تم الانتهاء من التصميم النهائي للمرافق الداعمة.
اتخذ التصميم الرئيسي لمبنى الركاب بالمطار الفائق شكل طائر الفينيق وكأنه يطير في السماء، وهو أكبر مبنى ركاب فردي الهيكل في العالم، حيث تم ترتيب خمسة أجنحة لبوابات صعود الطائرة على شكل دائري تشبه أجنحة الفينيق، لتكون المسافة من وسط مبنى الركاب إلى أقصى بوابة الصعود أقل من 600 متر.

مطار بكين داشينغ الدولي
قام لي جيان هوا، مدير مشروع المبنى الرئيسي لمطار بكين داشينغ الجديد، بقيادة فريقه لبناء المبنى الرئيسي الذي يربط الأجنحة الخمسة. حيث يبلغ وزن القبة الملحومة بهيكل فولاذي وحدها 55000 طن، أي ما يعادل نصف وزن ملعب عش الطائر الوطني. ولتخصيص مساحة أكبر للركاب، تم تصميم مكان القبة الضخمة المكونة من أسطح منحنية غير منتظمة داعمة بمجرد 8 أعمدة على شكل حرف C و12 أسطوانة دعم وتحيط بها هياكل جدران ستائرية، ويعد هذا التصميم تحديا كبيرا للي جيان هوا وفريقه، إذ أنه عليهم التحكم الدقيق في تلحيم الوحدات الفولاذية التي يبلغ عددها 63400 وحدة لازمة لتشكيل القبة، ولا يمكن أن يتجاوز الخطأ مليمترين. وفي هذا الصدد قال لي جيان هوا: "إذا كان هناك خطأ في مقياس الوحدات سيؤدي إلى تغيير في النموذج الميكانيكي. وأي خلل سيترتب عنه سلسلة من التعوجات التي قد تؤدي إلى حادث لا يحمد عُقباه في النهاية، مثل الانهيار".
وبعد تحليلات ومحاكات دقيقة، قرّر لي جيان هوا أن يلحم بعض الوحدات على سطح الأرض ومن ثم يتم تركيبها في الهواء على ارتفاع 50 مترا من سطح الأرض، وذلك لضمان صحّة مقاييس الوحدات وسلامة تركيبها وفق التصميم.

مطار بكين داشينغ الدولي
في 30 يونيو 2017، تم تثبيت آخر مكون على القبة وبذلك تم الانتهاء من بناء الهيكل الرئيسي لأكبر مبنى للركاب في العالم. وفي الوقت الحاضر، تم الانتهاء من بناء المبنى الرئيسي للمطار الجديد، وبالنسبة للمهندسين المشاركين في البناء، فإنّ إنشاء مشروع عملاق لا يمثل تحديا فحسب وإنّما يعد أيضا خبرة قيّمة بالنسبة لهم. قال لي جيان هوا: "يعتبر المشروع فرصة لتطوير صناعة البناء بأكملها، بما في ذلك التطور الشامل والتطور الفني. ودون هذه الفرصة، لن تتحسن قدرتنا. هذا النوع من الفرص يعد حاسما بالنسبة لنا."
طيلة السنوات الثلاث الماضية، وعلى موقع البناء الضخم هذا الذي تبلغ مساحته 29.4 كيلومترا مربعا، كل يوم هناك أشخاص يصنعون معجزات جديدة، وفي نفس الوقت، هناك تحديات جديدة تظهر بلا انقطاع.
شارك ما مجموعه أكثر من 20 ألف عامل مثل لي جيان هوا في بناء المطار الجديد في بكين على مدار السنوات الثلاث الماضية. وفي 30 سبتمبر العام الجاري، سيتم تشغيل المطار الفائق رسميا، وعدد الركاب المتوقع سنويا هو 100 مليون مسافر، وعدد صعود وهبوط الطائرات سيصل إلى 880 ألف، وسيصبح المطار مركز الطيران الضخم لمنطقة بكين - تيانجين - خبي، وهذا سيساعد في بناء منطقة شيونغان الجديدة والتطوير المنسق لبكين - تيانجين - خبي.

مطار بكين داشينغ الدولي
في بداية تأسيس جمهورية الصين الشعبية، لم يكن هناك سوى 36 مطارا للنقل الجوي في الصين، وتشارك الجيش والمدنيون في استخدام معظمها. وبعد 70 عاما من التطورات والتغييرات، وبالجهود المبذولة التي بذلتها عدة أجيال لأفراد الطيران المدني، أصبح هذا العدد قريبا من 260 مطارا. وبحلول عام 2025، سيغطي نطاق خدمات الطيران 93.2% من المدن الصينية و89% من المحافظات، ما يمثل 92% من إجمالي سكان الصين.
إن هذا الإنجاز العظيم تم بفضل جهود وكفاح الشعب الصيني ليلا نهارا خلال 70 سنة منذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية.